فصل في الزلازل والآيات
من كتاب المدهش لابن الجوزي رحمه الله المتوفى سنة ٥٩٧ هجرية
قال رحمه الله :
زلزلت الأَرْض على عهد عمر فِي سنة عشْرين ودامت الزلازل فِي سنة أَربع وَتِسْعين أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقعت الابنية الشاهقة وتهدمت إنطاكية
وَفِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا رجفت الأهواز وتصدعت الْجبَال وهرب أهل الْبَلَد إِلَى الْبَحْر والسفن ودامت سِتَّة عشر يَوْمًا وَفِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا مطر أهل تيما مَطَرا وبردا كالبيض فَقتل بهَا ثَلَاثمِائَة وَسبعين إنْسَانا وَسمع فِي ذَلِك صَوت يَقُول ارْحَمْ عِبَادك اعْفُ عَن عِبَادك ونظروا إِلَى أثر قدم طولهَا ذِرَاع بِلَا أَصَابِع وعرضها شبر وَمن الخطوة إِلَى الخطوة خَمْسَة أَذْرع أَو سِتّ فاتبعوا الصَّوْت فَجعلُوا يسمعُونَ صَوتا وَلَا يرَوْنَ شخصا
وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ رجفت دمشق رَجْفَة حَتَّى انْقَضتْ مِنْهَا الْبيُوت وَسَقَطت على من فِيهَا فَمَاتَ خلق كثير وانكفأت قَرْيَة فِي الغوطة على أَهلهَا فَلم ينج مِنْهُم إِلَّا رجل وَاحِد وزلزلت انطاكيا فَمَاتَ مِنْهَا عشرُون ألفا
وَفِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا هبت ريح شَدِيدَة لم يعْهَد مثلهَا فاتصلت نيفا وَخمسين يَوْمًا وشملت بَغْدَاد وَالْبَصْرَة والكوفة وواسط وعبادان والأهواز ثمَّ ذهبت إِلَى هَمدَان فأحرقت الزَّرْع ثمَّ ذهبت إِلَى الْموصل فمنعت النَّاس من السَّعْي فتعطلت الْأَسْوَاق وزلزلت هراة فَوَقَعت الدّور
وَفِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَجه طَاهِر بن عبد الله إِلَى المتَوَكل حجرا سقط بِنَاحِيَة طبرستان وَزنه ثَمَانمِائَة وَأَرْبَعُونَ درهما أَبيض فِيهِ صدع وَذكروا أَنه سمع لسقوطه هدة أَربع فراسخ فِي مثلهَا وَأَنه ساخ فِي الأَرْض خَمْسَة أَذْرع
وَفِي سنة اربعين وَمِائَتَيْنِ خرجت ريح من بِلَاد التّرْك فمرت بمرو فقتلت خلقا كثيرا بالزكام ثمَّ صَارَت إِلَى نيسابور وَإِلَى الرّيّ ثمَّ إِلَى همذان وحلوان ثمَّ إِلَى الْعرَاق فَأصَاب أهل بَغْدَاد وسر من رأى حمى وسعال وزكام وَجَاءَت كتب من الْمغرب أَن ثَلَاث عشرَة قَرْيَة من قرى القيروان خسف بهَا فَلم ينج من أَهلهَا إِلَّا اثْنَان وَأَرْبَعُونَ رجلا سود الْوُجُوه فَأتوا القيروان فَأخْرجهُمْ أَهلهَا وَقَالُوا أَنْتُم مسخوط عَلَيْكُم فَبنى لَهُم الْعَامِل حَظِيرَة خَارج الْمَدِينَة فنزلوها وَفِي سنة احدى وَأَرْبَعين ماجت النُّجُوم فِي السَّمَاء وَجعلت تتطاير شرقا وغربا كالجراد من قبل غرُوب الشَّمْس إِلَى الْفجْر وَلم يكن مثل هَذَا إِلَّا عِنْد ظُهُور رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَفِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا رجمت قَرْيَة يُقَال لَهَا السويدا نَاحيَة مصر بِخَمْسَة أَحْجَار فَوَقع حجر مِنْهَا على خيمة أَعْرَابِي فاحترقت وَوزن مِنْهَا حجر فَكَانَ فِيهِ عشرَة أَرْطَال وزلزلت الرّيّ وجرجان وطبرستان ونيسابور وأصبهان وقم وقاشان كلهَا فِي وَقت وَاحِد وزلزلت الدامغان فَهَلَك من أَهلهَا خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا وتقطعت جبال ودنا بَعْضهَا من بعض وَسمع للسماء وَالْأَرْض أصوات عالية فَهَلَك من أَهلهَا وَسَار جبل بِالْيمن عَلَيْهِ مزارع حَتَّى أَتَى مزارع قوم آخَرين وَوَقع طَائِر أَبيض دون الرخمة وَفَوق الْغُرَاب على دلبة بحلب لسبع مضين من رَمَضَان فصاح يَا معشر النَّاس اتَّقوا الله الله الله حَتَّى صَاح أَرْبَعِينَ صَوتا ثمَّ طَار وَجَاء من الْغَد فصاح أَرْبَعِينَ صَوتا ثمَّ طَار فَكتب صَاحب الْبَرِيد بذلك وَأشْهد خَمْسمِائَة إِنْسَان سَمِعُوهُ وَمَات رجل فِي بعض كور الأهواز فَسقط طَائِر أَبيض على جنَازَته فصاح بِالْفَارِسِيَّةِ والخورية إِن الله قد غفر لهَذَا الْمَيِّت وَلمن شهده
وَفِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ زلزلت أنطاكية فَسقط مِنْهَا ألف وَخَمْسمِائة دَار وَوَقع من سورها نَيف وَتسْعُونَ برجا وَسمع أَهلهَا أصواتا هائلة من كوى الْمنَازل وَسمع أهل تنيس صَيْحَة هائلة دَامَت فَمَاتَ مِنْهَا خلق كثير وَذَهَبت جيلة بِأَهْلِهَا
وَفِي سنة خمسين وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ مطرَت قَرْيَة حِجَارَة بَيْضَاء وسوداء
وَفِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ زلزلت دنبل فِي اللَّيْل فاصبحوا وَلم يبْق من الْمَدِينَة إِلَّا الْيَسِير فَأخْرج من تَحت الْهدم خَمْسُونَ وَمِائَة ألف ميت وَفِي سنة تسع عشرَة وثلاثمائة عدل الْحَاج عَن الجادة خوفًا من الْعَرَب فَرَأَوْا فِي الْبَريَّة صور النَّاس من حِجَارَة وَرَأَوا امْرَأَة قَائِمَة على تنور وَهِي من حِجَارَة وَالْخبْز الَّذِي فِي التَّنور من حِجَارَة
وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين وثلاثمائة هبت ريح بِفَم الصُّلْح شبت بالتنين خرقت دجلة حَتَّى ذكر أَنَّهَا باتت أرْضهَا وَهَلَكت خلقا كثيرا واحتملت زورقا منحدرا وَفِيه دَوَاب فَطَرَحته فِي أَرض جوخى
وَفِي سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة جَاءَ برد هائل وَوَقعت بردة حزرت بِمِائَة وَخمسين رطلا فَكَانَت كالثور النَّائِم
وَفِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ زلزلت تبريز فهدم سورها وقلعتها وَهلك تَحت الْهدم خَمْسُونَ الْفَا
وَفِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة كَانَت بِأَذربِيجَان زلازل انْقَطَعت مِنْهَا الْحِيطَان فَحكى من يعْتَمد على قَوْله أَنه كَانَ قَاعِدا فِي إيوَان فانفرج حَتَّى رأى السَّمَاء من وَسطه ثمَّ عَاد
وَفِي سنة سِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة كَانَت زَلْزَلَة بفلسطين هلك فِيهَا خَمْسَة عشر ألفا وانشقت صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ عَادَتْ فالتأمت وَغَابَ الْحر مسيرَة يَوْم فساخ فِي الأَرْض فَدخل النَّاس يلتقطون فَرجع عَلَيْهِم فَأهْلك خلقا كثيرا مِنْهُم
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ خسف بأيلة
وَفِي سنة سِتّ وَخَمْسمِائة سمع بِبَغْدَاد صَوت هده عَظِيمَة فِي أقطار بَغْدَاد فِي الْجَانِبَيْنِ قَالَ شَيخنَا أَبُو بكر ابْن عبد الْبَاقِي أَنا سَمعتهَا فَظَنَنْت حَائِطا قد وَقع وَلم يعلم مَا ذَاك وَلم يكن فِي السَّمَاء غيم فَيُقَال رعد
وَفِي سنة سبع وَقعت زَلْزَلَة بِنَاحِيَة الشَّام فَوَقع من سور الرها ثَلَاثَة عشر برجا وَخسف بسميساط وقلب بِنصْف القلعة
وَفِي سنة إِحْدَى عشرَة زلزلت الأَرْض بِبَغْدَاد يَوْم عَرَفَة فَكَانَت الْحِيطَان تمر وتجيء
وَفِي سنة خمس عشرَة وَقع الثَّلج بِبَغْدَاد فامتلأت مِنْهُ الشوارع والدروب وَلم يسمع قبله بِمثلِهِ
وَفِي سنة ثلث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة كَانَت زَلْزَلَة بجنزة أَتَت على مِائَتي ألف وَثَلَاثِينَ ألفا فاهلكتهم وَكَانَت فِي مِقْدَار عشرَة فراسخ فِي مثلهَا
وَفِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا خسف بجنزة وَصَارَ مَكَان الْبَلَد مَاء أسود وَقدم التُّجَّار من أَهلهَا فلزموا الْمَقَابِر يَبْكُونَ على أَهْليهمْ وزلزلت حلوان فتقطع الْجَبَل وَهلك خلق كثير
وَفِي سنة اثْنَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة كَانَت زلازل بِالشَّام فِي ثَلَاثَة عشر بَلَدا من بِلَاد الْإِسْلَام فَمِنْهَا مَا هلك كُله وَمِنْهَا مَا هلك بعضه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم تهمنا .. ولا تعبر بالضرورة عن المدونة